في غضون أسابيع يحسم صندوق النقد الدولي حصول مصر على قرض بقيمة 12.5 مليار دولار بيد أن الأمر مرهون بحزمة من الإصلاحات تعهدت الحكومة بإجرائها خلال مفاوضاتها مع بعثة الصندوق.
وإن ساهم تأخير إقرار الدفعة الأولى من قرض الصندوق في مزيد من الاختلال واستمرار انهيار العملة المحلية أمام الدولار حتى قارب سعر الصرف في السوق السوداء من 16 جنيه بما يعادل ضعف السعر الرسمي، إلا أن الفرصة لا تزال سانحة أمام البنك المركزي المصري لتقليل الفجوة في سعر الصرف بتعويم مرن لسعر العملة المحلية شريطة رفع قيمة الاحتياطي النقدي ليتخطي حاجز 25 مليار دولار وتوفير السيولة اللازمه لاستيراد مواد الإنتاج والسلع الأساسية، التي تسببت أزمة الدولار في اختفائها من الأسواق.
ويعزز هذا الطرح ما قالته مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، إن مصر تمر في "أزمة" مقترحة خفض قيمة العملة الوطنية بسرعة لتضييق الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء إزاء العملات الأجنبية. وتعليقا على الاختيار بين التعويم الكامل أو التجزئي للجنيه المصري قالت: "تاريخيا شاهدنا أن عمليات الانتقال السريعة هي الأكثر فعالية"، عندما يكون الفارق بين السعر الرسمي والسعر غير الرسمي (للعملة) واسع جدا.
ولا تعد سياسات البنك المركزي السبب الرئيسي للأزمة رغم أنه يحظى بجل هجوم الرأي العام المصري على طريقة خلط الأوراق حيث تتحمل المجموعة الاقتصادية في الحكومة المصرية المسوؤليه عن إخفاقها في تدبير موارد الحصول على العملة الأجنبية سواء بعدم جذب اسثمارات جديدة أو تشجيع الإنتاج المحلي والحد من استيراد السلع الاستفزازية، التي أحدثت خللا جسيما في الميزان التجاري ولا يستثنى من ذلك قطاع السياحة، الذي يعاني ركودا غير محدود منذ سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء قبل عام.
ورغم خطورتها تؤشر الخطوات التي اتخذتها مصر بإقرار ضريبة القيمة المضافة وإصلاح النظام الضريبي والرفع التدريجي للدعم عن الطاقة والمياة ومراجعة آليات الدعم السلعي وبحث استبدالها بدعم نقدي، تقترب مصر من الموافقة النهائية على القرض، وفقا لتصريحات جيري رايس، المتحدث باسم الصندوق الذي قال إن "الاصلاحات تسير في الاتجاه الصحيح، وينبغي الاستمرار في تنفيذها. إنها صعبة، ستكون هناك خلافات واختلافات وربما حتى تظاهرات".
لافتا إلى أن الحكومة أحرزت "تقدما جيدا" لجمع مبلغ 6 مليارات دولار إضافية مع مساهمات من الصين والسعودية ومن دول في "مجموعة العشرين".
وعلي الصعيد الرسمي، قال الدكتور علي المصيلحي رئيس اللجنه الاقتصادية بمجلس النواب لـ RT إن الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بات ضرورة ملحه لإنعاش الاقتصاد المصري شريطة أن تتخذ الحكومة إجراءات إصلاح اقتصادي حقيقية وليست شكلية وأن تفعل نظام شبكات الحماية الاجتماعية للفئات الأقل دخلا حتى لا يضروا بشكل كبير جراء ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أن الحكومة استرشدت بكثير من توصيات اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب باعتمادها خطة التقشف الحكومي وتشكيل لجنة عليا لضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة.
بالحصول على قرض الصندوق تتخذ مصر خطوة جديدة نحو التحرر من قيود البحث عن مزيد من المنح والمساعدات العربية والدولية بعد 5 أعوام من الثورة أنهكت جسد الاقتصاد المصري العليل.
وتعتبر مصر قرض صندوق النقد حقا أصيلا باعتبارها عضوا مؤسسا ومساهما في رأس مال الصندوق، الذي يدعم تمويله للاقتصاد المصري في هذه المرحلة استقلال القرار السياسي في ظل الاستقطاب القائم في منطقة الشرق الأوسط. والبحث عن مصادر تمويل بديلة واستثمادات أجنبية تنتظر شهادة ثقة عالميه في ارتفاع موشرات النمو من مؤسسة دوليه بحجم صندوق النقد الدولي.